بسم الله الرحمن الرحيم
مَن أنا لأتكلّم عنك؟
من أنا لأعرّف عنك؟
إن الذي لا يعرف نفسه أتجرّأ وأتحدّث عنك!!
حبّة الرّمل تكتب عن الصّحراء؟
قطرة الماء تتحاور مع المحيط؟
عود الثقاب يتحدى الشّمس؟؟
سامحني يا الله وامسحني برحمتك قبل أن يرجمني الجهل... أدخِلني بدينك قبل أن يتملّكني الخوف من أهل السّلطة والملك...
وجود الله وطبيعته وأصل الكون لا سبيل إلى معرفتها بالفكر أو بالعقل، بل هي سرّ باطني نحياه عندما نتخطّى الجسد والنّفس والذات...
إنْ خفتم من شيء فادخلوا فيه... لا تخف الخوف بل طوف وشوف... ومَن شاف عرف
ومن عرف اعترف... وليس من الحقّ أن نثق ولكن من الحقّ أن نعرف...
أنا لا أصدّق بوجود الشّمس، بل خرجتُ من الظّلمة ورأيت الشّمس وجهاً لوجه ولا زلنا معاً في مسيرة العِرفان...
معا سنقرأ هذه الفاتحة ولنفتح قلوبنا وقلب القلب يا أولي الألباب... لندخل
من هذا الباب إلى كل مَن يرغب بالعودة لقد دنّسنا الأرض والبحر والسّماء
بضلالة أفكارنا ونوايانا...
معاً سنعود إلى الجذور وسنلتقي بالعطور وبرائحة البخور التي هي من حقّ
جميع أهل النّور... الله نور السّماوات والأرض ونحن نور العالم...
معاً سنمسح الجهل وسنقرأ بالعقل ومن العقل إلى القلب...
القلب يكتب ما في القلب والعين تقرأ ما في اللّب... واللّبيبَ بالإشارة يفهم...
البذرة، ليس هنالك أي برهان مرئي أو واضح لها لتعرف بأنّ الشجرة هي في قلب
البذرة... هذه الحقيقة ليست في متناول اليد بل هي أبعد من أي علم أو أي
إفادة لأنّها رؤية مستقبليّة وعندما تنمو الشجرة فأين هي البذرة لترى
نتيجة موتها؟؟
الحبّة تموت لتحيا السّنبلة والحبّة غافلة عن هذه الحقيقة ولا تدري ما هي
الخطوة الثانية ولا تستطيع أن تتخيّل أو تتصوّر هذه الرّحلة...
دوستوفيسكي Dostoevsky يقول بأن البشر هم أتعس
النّاس، وهذه ملاحظة حقيقيّة والتعيس هو الذي يُعلّم الحياة أنه يود أن
يشارك حزنه مع الآخرين وأن يزرع الحزن والتعاسة في البشر وأفضل طريقة
للوصول إلى هدفه هو أن يجعل الإنسان تعيساً ومذنباً...
الفقير المحب لا يهتم بالمال بل بالقلب.... ومن
هنا ينبع الفيض والكرم والمشاركة على عكس الإنسان الغني الذي يستخدم الوقت
لا للعطاء بل للمزيد من الكسب لخدمة مصالح الجيب... الحب لا بديل له إلا
بالحب.. إن الحب المستعار كالشعر المستعار وهذا هو العار في كلّ
المشوار... الفقراء لا يزالون يعيشون الحب لأنهم يشعرون بالقلب لا
بالجيب... قلّة من البشر يسلكون درب الميزان أي استخدام الرّأس والقلب
بحسبان... لأن الذكاء مصدره العقل والمحبّة مصدرها القلب...هذا هو الإنسان
المؤمن...
عليك أيّها الإنسان أن تسير في مسار الجسد والرّوح وهنيئاً للعطشان إلى
الحقّ والحياة.. عطشك هو دربك إلى ربّك... أي السّائل هو المسؤول وإذا صدق
السّائل هلك المسؤول أي ارتفعتَ بالنّور وهذه هي النّعمة... نعمة الألم
والولادة.. نعمة البلاء في سبيل البقاء...
الجهل عدو الإنسان.. والذي لا يعرف نفسه يجهل غيره ويغار منه... التلّة
تحسد الجبل وتتمنى له الدّمار... والجبل لا يستطيع أن يحيا بدون الوادي...
كلّنا متّصلين ببعضنا البعض وكلّ منّا يساند الآخر... كلّنا أخوة بالله
وأنا بحاجة إلى جاري لأنّه أقرب إلي من داري ولكن الألم يأتي من الأنانيّة
ومن جهلي أساند هذه الأنانيّة وهذا هو التناقض...
عندما ندخل إلى القلب نرتفع بالحب ولكن عندما نخرج إلى المجتمع نقع في
مستنقع المجاملات والمشاعر والانفعالات، ونهبط إلى المستوى الدّنيوي حيث
الكذب والخداع والرّغبة والشهوات وهذا النّوع من الأقنعة تحمّلنا الكثير
من المتاعب لذلك نعود إلى المحراب ونتّصل بالأصول السّاكنة في القلب...
مما قرأت
موضوع: واللّبيبَ بالإشارة يفهم... 
الخميس مارس 20, 2008 10:06 am
