مرثية المعتمد بن عبادالمعتمد بن عباد ملك أشبيلية في عصر ملوك الطوائف من بني عباد، ولد في
باجة (اقليم في البرتغال حاليا) و توفي في أغمات 431 - 488 هـ / 1040 -
1095 م, اسمه محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل اللخمي أبو القاسم المعتمد
على الله.
كان شابا، فارسا، شاعرا مجيدا، يحب الأدب؛ فاجتمع في بلاطه نجوم ساطعة من
أرباب ونوابغ القصيد من أمثال أبي بكر بن عمار، وابن زيدون، وابن اللبانة،
وابن حمديس الصقلي، وكما كان المعتمد شاعرا مجيدا، كانت زوجته اعتماد
الرميكية شاعرة كذلك، وكانت إشبيلية حاضرة دولته آية في الروعة.
كان أمير المسلمين يوسف بن تاشفين في أول الأمر يحترم المعتمد بن عباد
ويقول هو ضيفنا، ولكن نفراً بين المعتمد وابن تاشفين ووشوا إلى ابن تاشفين
أن المعتمد يميل إلى الترف.
انتهى أمر المعتمد أن وقع في قبضة يوسف بن تاشفين فحبسه في سجن أغمات,
فقيراً مجرداً من ماله و مقيدا، وأظله عيد وهو في السجن فقال يصف هذا
المشهد الذي يقطع نياط القلوب
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا ***وكان عيـدك باللـذات معمـورا
وكنت تحسب أن العيـد مسعـدةٌ *** فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمـار جائعـةً *** في لبسهنّ رأيت الفقر مسطـورا
معاشهـنّ بعيـد العـزّ ممتهـنٌ ***يغزلن للناس لا يملكن قطميـرا
برزن نحـوك للتسليـم خاشعـةً***عيونهنّ فعـاد القلـب موتـورا
قد أُغمضت بعد أن كانت مفتّـرةً***أبصارهـنّ حسيـراتٍ مكاسيـرا
يطأن في الطين والأقدام حافيـةً***تشكو فراق حذاءٍ كـان موفـورا
قد لوّثت بيـد الأقـذاء اتسخـت***كأنها لم تطـأ مسكـاً وكافـورا
لا خدّ إلا ويشكو الجدب ظاهـره***وقبل كان بماء الـورد مغمـورا
لكنه بسيـول الحـزن مُختـرقٌ***وليس إلا مع الأنفاس ممطـورا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه***ولست يا عيدُ مني اليوم معـذورا
وكنت تحسب أن الفطـر مُبتَهَـجٌ***فعـاد فطـرك للأكبـاد تفطيـرا
قد كان دهرك إن تأمره ممتثـلاً***لما أمرت وكان الفعـلُ مبـرورا
وكم حكمت على الأقوامِ في صلفٍ***فردّك الدهـر منهيـاً ومأمـورا
من بات بعدك في ملكٍ يسرّ بـه***أو بات يهنأ باللـذات مسـرورا
ولم تعظه عوادي الدهر إذ وقعت***فإنما بات في الأحـلام مغـرورا